8.8.12

رحلة تدوين

ها قد تذكرت الان, لهذا السبب اخذتنى عادة التدوين , انه سيأتى يوما ما سافقد فيه ذاكرتى , فتلك كانت امنيتى الاولى و الاخيرة , ان افقد ذاكرتى! فقد كنت دائما فى تساؤل , إذا محوت كل ما هو بداخل عقلى و بدأت من جديد , هل سيكون لى نفس تلك طريقة التفكير التى اكرهها , تلك الطريقة التى تفكر فى الاشياء من جميع الزوايا , فتصيبنى بحيرة بالغة و تتركنى فى منتصف البحر , فلا تعد تعرف ايًا من الاتجاهات هى الصحيحة , حتى يتقلب بك الظن يمينا و شمالا ,خيرا و إثما, فلا تعرف اين ترسو بتفكيرك ,إن كان هذا الشخص بريئا ام يدّعى كذلك, اهو خالص الخير ام يشوبه السوء, إن كان هذا هو المناسب ام هناك ما هو انسب, انك حتى لا تعلم إن كانت نيتك خالصة وصالحة ام هى رياء و نفاق اتمنى لو اعرف, اتمنى لو اننى فعلا افكر فيما اريده و لا اتقلب يمينا و يسارا, فاحتار فيما احتار و يختلط الاخيار عندى مع الشرار !
و لكن... هل إذا فقدت ذاكرتى , فافقد طريقة تفكيرى تلك , ارسو الى برِّ مع عقلى المحير هذا؟ فإما ان يكون نفسة فاعلم ان الله قدَّر لى ان اكون هكذا , ان افكر بتلك الطريقة و إن هذا -من زاوية اخرى- خير لى على مدى التحيّر الذى انا فية, او اثبت على قرار او رأى او اتجاة فأعلم ان هذا -ايضا- هو الاخير لى من جميع الاتجاهات التى اتخذتها من قبل.
لكن إن كنت اريد حقا ان افقد الذاكرة فما كان علىّ ان ادون ,أأدون, فأقرأ ,فأتذكر كيف كنت افكر... اتذكر ان الامر بدأ معى فى تدوين اسماء ومعلومات عن من احب, فلا انساهم, وكانت اول مواضيع لى , تتحدث عن اسعد ذكريات فى حياتى , و كنت أُرفق معها ورقة موقعة ممن شاركت معهم تلك الذكرى السعيدة, ولكن بعد بعض الوقت , تحول التدوين الى تسجل لجميع احداث الحياة -من باب الفراغ- حتى دخلت فى عالم , لا اعلم كيف دخلته, فاصبح التدوين هو تسجيل لاحداث الحياة -السعيد منها و الحزين ,حتى وصلت الى وصف شعورى فى تلك اللحظات و تجاه تلك الاشياء, فتحولت الكتابة الى تفريغ صدر, لا استطيع الاستغناء عنها, حتى إنى إذا قضيت وقتا دون الكتابة , تسللت الكآبة الى نفسى او تراكمت الاحداث فى الداخل ,فكان يجب الا يمر بعض الوقت حتى اكون قد افرغت محتويات نفسى.
بعدها بوقت طويل وجدت سعادتى فى شئ آخر بعد ان قضيت عاما من ما يسمونه "الفحت" التعب و العمل الذى لم اعتد عليه يوما ,شعرت بلذته اكثر من اى شىء قد فعلته يوما , هو افضل عاما مر علىّ حتى الان ,بحلوه و مرّه , كيف كانت سعادتى بالعمل و التعب و الارهاق الشديد الذى كنت اشعر به فى نهاية كل يوم, ادخل على قلبى السرور , انسانى انى كنت يوما ما فارغة لأعتكف على التدوين, , فأصبحت ادون حين يعدو علىّ يوما يؤلمنى او يحدث فية مالا يعجبنى , فاتخلص منه فى دفترى الصغير الى الابد , حتى اصبح اول الدفتر مليئا بالمواقف الفرحة ,المبهجة وقارب للنهاية  فاصبح اخر شئ اريد ان اقرأه على وجه الارض . لا اعلم اين سيصبح التدوين ,هل سيبقى كما هو ام سيتغير ,ولكنى الان لا اتمنى ان افقد ذاكرتى فاتذكر ما انا فيه من حيرة تفكير, فتتغير الكتابات .والكاتب واحد